في تطور تاريخي غير مسبوق، أعلن سقوط نظام بشار الأسد بعد خمسين عامًا من حكم عائلته لسوريا. الفصائل المسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام" دخلت العاصمة دمشق، معلنةً سيطرتها الكاملة على مفاصل الدولة، بينما فرّ الرئيس السوري بشار الأسد إلى وجهة غير معلومة. ولكن ماذا حدث في اللحظات الأخيرة قبل هروبه؟
تفاصيل اللحظات الأخيرة. اتصالات حاسمة وسفر العائلة
تشير المعلومات إلى أن بشار الأسد كان قد استعد لهذه اللحظة منذ أن بدأت المعارضة المسلحة في تحقيق انتصارات استراتيجية، كان أبرزها سقوط مدينة حلب. فقد أفادت مصادر مطلعة أن الأسد قام بتسفير عائلته إلى روسيا قبل أسبوع، في خطوة استباقية تدل على إدراكه أن سقوط نظامه بات وشيكًا.
وتضيف المصادر أن الأسد أجرى اتصالات مكثفة خلال الساعات الأخيرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. هذه الاتصالات، وفقًا للتقارير، كانت تهدف إلى بحث خياراته المتبقية. ويُرجح أن يكون بوتين وخامنئي قد أبلغاه بأنه لم يعد هناك أمل في إنقاذ نظامه، وأن مغادرة دمشق هي الخيار الوحيد لتجنب مواجهة مصير أسوأ.
رسائل من المعارضة إلى طهران.. ضمانات بعدم المساس بالمزارات الشيعية**
في خطوة لافتة، سافر وفد من الفصائل المسلحة إلى طهران قبل أيام من سقوط دمشق. الهدف كان طمأنة الجانب الإيراني بأن المزارات الشيعية، وخاصة مقام السيدة زينب، لن تُمس ولن يتم هدمها. هذه الرسائل كانت تهدف إلى تهدئة المخاوف الإيرانية وضمان عدم تصعيد الصراع الطائفي في المرحلة القادمة.
كيف فكر الأسد في لحظاته الأخيرة؟
من المحتمل أن الأسد عاش لحظات مليئة بالتوتر والتردد قبل اتخاذ قرار مغادرة دمشق. كشخص اعتاد السيطرة والقبضة الحديدية، يبدو أن مواجهة حقيقة سقوط نظامه كانت صادمة. قد يكون الأسد استرجع في تلك اللحظات إرث عائلته الممتد لخمسين عامًا، متسائلًا كيف انتهى كل شيء بهذه السرعة.
من الواضح أن الأسد كان يدرك أن بقاؤه في دمشق يعني مواجهة مصير مشابه لما حدث مع زعماء آخرين في المنطقة. لذا، فإن اتخاذه قرار الهروب يُظهر اعترافًا ضمنيًا بانتهاء اللعبة. وربما كانت لحظة وداعه لعائلته قبل تسفيرهم إلى روسيا من أصعب اللحظات التي عاشها.
رغم التحالف الوثيق بين الأسد وكل من روسيا وإيران، يبدو أن سقوط نظامه كشف حدود هذا الدعم. فرغم تدخل روسيا عسكريًا لدعم الأسد في سنوات الحرب، ورغم الدعم المادي والبشري الإيراني، لم يمنع هذا سقوط دمشق في أيدي المعارضة. بل تشير بعض التقارير إلى أن موسكو وطهران قد فضّلتا الحفاظ على مصالحهما الاستراتيجية في سوريا على حساب الدفاع عن نظام بات من المستحيل إنقاذه.
توقعات للمرحلة القادمة
مع سقوط النظام، تدخل سوريا مرحلة جديدة من عدم اليقين. المعارضة المسلحة تواجه تحديات هائلة في توحيد الصفوف وإدارة البلاد، بينما المجتمع الدولي يراقب بحذر تطورات الأحداث. أما روسيا وإيران، فمن المتوقع أن تسعيا إلى الحفاظ على نفوذهما في سوريا عبر تفاهمات جديدة مع القوى المسيطرة.
نهاية حقبة وبداية مجهولة
هروب بشار الأسد من دمشق يمثل نهاية فصل طويل من تاريخ سوريا، لكنه يفتح بابًا على مرحلة مليئة بالتحديات والأسئلة. كيف ستتمكن المعارضة من ملء الفراغ السياسي؟ وما هو مصير الأسد بعد فراره؟ هذه التساؤلات ستظل معلقة حتى تتضح ملامح المستقبل في الأيام والأسابيع القادمة.